تعالى فلما وصلت الأذفونش رسالة ابن عباد وقرئت عليه وعلم مقتضاها أطرق إطراق من لم يخطر له ذلك ببال .
وفشا في الأندلس توقيع ابن عباد وما أظهر من العزيمة على جواز يوسف بن تاشفين والاستظهار به على العدو فاستبشر الناس وفرحوا بذلك وفتحت لهم أبواب الآمال واما ملوك طوائف الأندلس فلما تحققوا عزم ابن عباد وانفراده برأيه في ذلك اهتموا منه ومنهم من كاتبه ومنهم من كلمه مواجهة وحذروه عاقبة ذلك وقالوا له الملك عقيم والسيفان لا يجتمعان في غمد واحد فاجابهم ابن عباد بكلمته السائرة مثلا رعي الجمال خير من رعي الخنازير ومعناه أن كونه مأكولا ليوسف بن تاشفين أسيرا يرعى جماله في الصحراء خير من كونه ممزقا للأذفونش أسيرا له يرعى خنازيره في قشتالة وقال لعذاله ولوامه ياقوم إني من أمري على حالتين حالة يقين وحالة شك ولابد لي من إحداهما أما حالة الشك فإني إن استندت إلى ابن تاشفين أو إلى الأذفونش ففي الممكن أن يفي لي ويبقي على وفائه ويمكن أن لا يفعل فهذه حالة شك واما حالة اليقين فإني إن استندت إلى ابن تاشفين فانا أرضي الله وإن استندت إلى الأذفونش أسخطت الله تعالى فإذا كانت حالة الشك فيها عارضة فلأي شيء أدع ما يرضي الله وآتي ما يسخطه فحينئذ قصر أصحابه عن لومه .
ولما عزم أمر صاحب بطليوس المتوكل عمر بن محمد وعبدالله بن حبوس الصنهاجي صاحب غرناطة أن يبعث إليه كل منهما قاضي حضرته ففعلا واستحضر قاضي الجماعة بقرطبة أبا بكر عبيدالله بن أدهم وكان أعقل أهل زمانه فلما اجتمع عنده القضاة بإشبيلية أضاف إليهم وزيره أبا بكر ابن زيدون وعرفهم أربعتهم أنهم رسله إلى يوسف بن تاشفين وأسند إلى القضاة ما يليق بهم من وعظ يوسف بن تاشفين وترغيبه في الجهاد وأسند إلى وزيره ما لا بد منه في تلك السفارة من إبرام العقود السلطانية وكان يوسف بن تاشفين لا تزال