وسماحة فاستديموا وفاءنا بوفائكم واستصلحوا إخاءنا بإصلاح إخائكم والله ولي التوفيق لنا ولكم والسلام فلما فرغ من كتابه قرأه على يوسف بن تاشفين بلسانه فاستحسنه وقرن به ما يصلح لهم من التحف ودرق اللمط التى لا توجد إلا ببلاده وأنفذ ذلك إليهم فلما وصلهم ذلك وقرأوا كتابه فرحوا به وعظموه وسروا بولايته وتقوت نفوسهم على دفع الفرنج عنهم وازمعوا إن راوا من الفرنج ما يريبهم أنهم يرسلون إلى يوسف بن تاشفين ليعبر إليهم أو يمدهم بإعانة منه .
وكان ملك الإفرنج الأذفونش لما وقعت الفتنة بالأندلس وثار الخلاف وكان كل من حاز بلدا وتقوى فيه ملكه وادعى الملك وصار مثل ملوك الطوائف فطمع فيهم الأذفونش بسبب ذلك وأخذ كثيرا من ثغورهم فقوي شأنه وعظم سلطانه وكثرت عساكره وأخذ طليطلة من صاحبها القادر بالله بن المأمون يحيى بن ذي النون بعد أن حاصرها سبع سنين وكان أخذه لها في منتصف محرم سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فزاد لعنه الله تعالى بملكه طليطلة قوة إلى قوته وأخذ يجوس خلال الديار ويستفتح المعاقل والحصون .
قال ابن الأثير في الكامل وكان المعتمد بن عباد أعظم ملوك الأندلس ومتملك أكثر بلادها مثل قرطبة وإشبيلية وكان مع ذلك يؤدي الضريبة إلى الأذفونش كل سنة فلما تملك الأذفونش طليطلة أرسل إليه المعتمد الضريبة المعتادة فلم يقبلها منه وأرسل إليه يهدده ويتوعده بالمسير إلى قرطبة ليفتحها إلا أن يسلم إليه جميع الحصون المنيعة ويبقى السهل للمسلمين وكان الرسول في جمع كثير نحو خمسمائة فارس فأنزله المعتمد وفرق أصحابه على قواد