قال وهي مدينة حصينة قديمة ازلية من بناء العمالقة على ضفة النهر الكبير ولها قصبة حصينة في غاية المنعة ولها قنطرة واحدة عجيبة البنيان على قوس واحد والماء يدخل تحته بعنف وشدة جري ومع آخر النهر ناعورة ارتفاعها في الجو تسعون ذراعا وهي تصعد الماء إلى أعلى القنطرة ويجرى الماء على ظهرها فيدخل المدينة وطليطلة هذه دار مملكة الروم وبها كان البيت المغلق الذي كانوا يتحامون فتحه حتى فتحه لذريق فوجد فيه صورة العرب انتهى .
وقد تقدم شيء من هذا فيما مر من هذا الكتاب .
وقد حكى ابن بدرون في شرح العبدونية أن المأمون يحيى بن ذي النون صاحب طليطلة بنى بها قصرا تأنق في بنائه وأنفق فيه مالا كثيرا وصنع فيه بحيرة وبنى في وسطها قبة وسيق الماء إلى رأس القبة على تدبير أحكمه المهندسون فكان الماء ينزل من أعلى القبة حواليها محيطا بها متصلا بعضه ببعض فكانت القبة في غلالة من ماء سكب لا يفتر والمأمون بن ذي النون قاعد فيها لا يمسه من الماء شيء ولو شاء أن يوقد فيها الشمع لفعل فبينما هو فيها إذ سمع منشدا ينشد .
( أتبني بناء الخالدين وإنما ... بقاؤك فيها لو علمت قليل ) .
( لقد كان في ظل الأراك كفاية ... لمن كل يوم يعتريه رحيل ) .
فلم يلبث إلا يسيرا حتى قضى نحبه انتهى .
وقال ابن خلكان إن طليطلة أخذت يوم الثلاثاء مستهل صفر سنة 478 بعد حصار شديد انتهى