( فأسرح لا شملي صديع ولا الحشا ... وجيع ولا عيناي يبكيهما ثكل ) .
( هنيئا لها أن لم يفرق جميعها ... ولا ذاق منها البعد عن أهلها أهل ) .
( وإذ لم تبت مثلي تطير قلوبها ... إذا اهتز باب السجن أو صلصل القفل ) .
( وماذاك مما يعتريه وإنما ... وصفت التي في جبلة الخلق من قبل ) .
( لنفسي إلى لقيا الحمام تشوف ... سواي يحب العيش في ساقه كبل ) .
( ألا عصم الله القطا في فراخها ... فإن فراخي خانها الماء والظل ) .
وفي هذه الحالة زاره الأديب أبو بكر ابن اللبانة وهو احد شعراء دولته المرتضعين دررها المنتجعين دررها وكان المعتمد C تعالى يميزه بالشفوف والإحسان ويجوزه في فرسان هذا الشأن فلما رآه وحلقات الكبل قد عضت بساقيه عض الأسود والتوت عليه التواء الأساود السود وهو لا يطيق إعمال قدم ولا يريق دمعا إلا ممزوجا بدم بعدما عهده فوق منبر وسرير ووسط جنة وحرير تخفق عليه الألوية وتشرق منه الأندية وتكف الأمطار من راحته وتشرف الأقدار بحلول ساحته ويرتاع الدهر من اوامره ونواهيه ويقصر النسر أن يقارنه أو يضاهيه ندبه بكل مقال يلهب الأكباد ويثير فيها لوعة الحارث بن عباد أبدع من أناشيد معبد وأصدع للكبد من مراثي أربد او بكاء ذي الرمة بالمربد سلك فيها للاحتفاء طريقا لاحبا وغدا فيها لذيول الوفاء ساحبا فمن ذلك قوله .
( انفض يديك من الدنيا وساكنها ... فالأرض قد أقفرت والناس قد ماتوا ) .
( وقل لعالمها السفلي قد كتمت ... سريرة العالم العلوي أغمات ) .
( طوت مظلتها لا بل مذلتها ... من لم تزل فوقه للعز رايات ) .
( من كان بين الندى والبأس أنصله ... هندية وعطاياه هنيدات )