( متى رأيت صروف الدهر تاركة ... إذا انبرت لذوي الأخطار أرماقا ) .
وقال لي من أثقه لما ثار ابنه حيث ثار وأثار من حقد امير المسلمين عليه ما أثار جزع جزعا مفرطا وعلم انه قد صار في أنشوطة الشر متورطا وجعل يتشكى من فعله ويتظلم ويتوجع منه ويتألم ويقول عرض بي للمحن ورضي لي أن أمتحن ووالله ما أبكي إلا انكشاف من أتخلفه بعدي ويتحيفه بعدي ثم أطرق ورفع رأسه وقد تهللت أسرته وظللته مسرته ورأيته قد استجمع وتشوف إلى السماء وتطلع فعلمت أنه قد رجا عودة إلى سلطانه وأوبة إلى أوطانه فما كان إلا بمقدار ما تنداح دائرة أو تلتفت مقلة حائرة حتى قال .
( كذا يهلك السيف في جفنه ... إلى هز كفي طويل الحنين ) .
( كذا يعطش الرمح لم أعتقله ... ولم تروه من نجيع يميني ) .
( كذا يمنع الطرف علك الشكيم ... مرتقبا غرة في كمين ) .
( كأن الفوارس فيه ليوث ... تراعي فرائسها في عرين ) .
( ألا شرف يرحم المشرفي ... مما به من شمات الوتين ) .
( ألا كرم ينعش السمهري ... ويشفيه من كل داء دفين ) .
( ألا حنة لابن محنية ... شديد الحنين ضعيف الأنين ) .
( يؤمل من صدرها ضمة ... تبوئه صدر كفؤ معين ) .
وكانت طائفة من أهل فاس قد عاثوا فيها وفسقوا وانتظموا في سلك الطغيان واتسقوا ومنعوا جفون أهلها السنات وأخذوا البنين من حجور آبائهم والبنات وتلقبوا بالإمارة وأركبوا السوء نفوسهم الأمارة حتى كادت أن تقفر على أيديهم وتدثر رسومها بإفراط تعديهم إلى أن تدارك أمير المسلمين C تعالى أمرهم وأطفأ جمرهم وأوجعهم ضربا وأقطعهم ماشاء حزنا وكربا وسجنهم بأغمات وضمتهم جوانح الملمات