علي فأرسو بريف الأندلس الغربي واحتلوا بجزيرة قادس فأصابوا الأندلس قد أمطرت وأخصبت فجرت أنهارها وانفجرت عيونها وحييت أشجارها فنزلوا الأندلس مغتبطين وسكنوها معتمرين وتوالدوا فيها فكثروا واستوسعوا في عمارة الأرض ما بين الساحل الذي أرسوا فيه بغربيها إلى بلد الإفرنجة من شرقيها ونصبوا من أنفسهم ملوكا عليهم ضبطوا أمرهم وتوالوا على إقامة دولتهم وهم مع ذلك على ديانة من قبلهم من الجاهلية وكانت دار مملكتهم طالقة الخراب اليوم من أرض إشبيلية اخترعها ملوكهم وسكنوها فاتسق ملكهم بالأندلس مائة وسبعة وخمسين عاما إلى أن أهلكهم الله تعالى ونسخهم بعجم رمة بعد أن ملك من هؤلاء الأفارقة في مدتهم تلك أحد عشر ملكا ثم صار ملك الأندلس بعدهم إلى عجم رومة وملكهم إشبان بن طيطش وباسمه سميت الأندلس إشبانية وذكر بعضهم أن اسمه أصبهان فأحيل بلسان العجم وقيل بل كان مولده بأصبهان فغلب اسمها عليه وهو الذي بنى إشبيلية وكان إشبانية اسما خالصا لبلد إشبيلية الذي كان ينزله إشبان هذا ثم غلب الاسم بعده على الأندلس كله فالعجم إلى الآن يسمونه إشبانية لآثار إشبان هذا فيه وكان أحد الملوك الذين ملكوا أقطار الدنيا فيما زعموا وكان غزا الأفارقة عندما سلطه الله عليهم فيجموعه ففض عساكرهم وأثخن فيهم ونزل عليهم بقاعدتهم طالقة وقد تحصنوا فيها منه فابتنى