أهدى لي في قادوس وردا أحمر وأبيض فأمر أن يملأ له دراهم فقالت له جارية من جواريه إن رأى الأمير أن يلون ما أعطاه حتى يوافق ما أهداه فاستحسن ذلك الأمير وأمر أن يملأ دنانير ودراهم وكان المرواني المذكور يساير أحد الفقهاء الظرفاء فمرا بجميل فمال عبد الله بطرفه على وجهه وظهر ذلك لمسايره فتبسم ففهم عبد الله عنه فقال إن هذه الوجوه الحسان خلابة ولكنا لا نتغلغل في نظرها ولا ندعي العفة عنها بالجملة وفيها اعتبار وتذكار بالحور العين التي وعد الله تعالى فقال له الفقيه احتج لروحك بما شئت فقال أو ما هي حجة تقبل فقال الفقيه يقبلها من رق طبعه وكاد يضيق عن الصبر وسعه فقال وأراك شريكا لي فقال ولولا ذلك للمتك فأطرق عبد الله ساعة ثم أنشد .
( أفدي الذي مر بي فمال له ... لحظي ولكن ثنيته غصبا ) .
( ما ذاك إلا مخاف منتقد ... فالله يعفو ويغفر الذنبا ) فقال له الفقيه إن كنت ثنيت لحظك خوف انتقادي فإني أدعوه إليك حتى تملأ منه ولا تنسب إلي ما نسبت فتبسم عبد الله وقال ولا هذا كله وقال له إن مثلك في الفقهاء لمعدوم فقال له ما كنت إلا أديبا ولكني لما رأيت سوق الفقه بقرطبة نافقة اشتغلت به فقال له ومن عقل المرء أن لا يفني عمره فيما لا ينفقه عصره وكان عبد الله المذكور يسمى الزاهد فبايع قوما على قتل والده الناصر وأخيه الحكم المستنصر ولي العهد فأخذ يوم عيد الأضحى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة فذبح بين يديه C تعالى .
وقال أخوه أو الأصبغ عبد العزيز بن الناصر وقد دخل ابن له