القضاء فلم يجب ولم يظهر رجاءه المحتجب وقال أبيت عن إمامة هذه الديانة كما أبت السموات والأرض عن حمل الأمانة إباية إشفاق لا إباية عصيان ونفاق وكان الأمير قد أمر الوزراء بإجباره أو حمل السيف إن تمادى على تأبيه وإصراره فلما بلغه قوله هذا أعفاه قال وكان الغالب عليه علم النسب واللغة والأدب ورواية الحديث وكان مأمونا ثقة وكانت القلوب على حبه متفقة وله رحلة دخل فيها العراق ثم عاد إلى هذه الآفاق وعندما اطمأنت داره وبلغ أقصى مناه مداره قال .
( كأن لم يكن بين ولم تك فرقة ... ) .
الأبيات انتهى وهذه الأبيات قدمناها في الباب الخامس في ترجمة القاضي ابن أبي عيسى .
فأنت ترى كلام الفتح قد اضطرب في نسبتها فمرة نسبها إلى هذا ومرة نسبها إلى ذاك وهي قطعة عرفها ذاك .
ومن دعابات أهل الأندلس وملحهم ما يحكى عن ابن أبي حلى وهو علي ابن أبي حلى المكناسي أبو الحسن قال لسان الدين كان شيخا مليح الحديث حافظا للمسائل الفقهية قائما على المدونة مضطلعا بمشكلاتها كثير الحكايات يحكي أنه شاهد غرائب وتملحا فينمقها عليه بعض الطلبة ويتعدون ذلك إلى الافتعال والمداعبة حتى جمعوا من ذلك جزءا سموه السالك والمحلى في أخبار ابن أبي حلى فمن ذلك أنه كانت له هرة فدخل البيت يوما فوجدها قد بلت إحدى يديها وجعلتها في الدقيق حتى علق بها ونصبتها