( فإن كان يرجو جنة الخلد آجلا ... فعندي له في عاجل جنة الخلد ) .
فركبوا إلى جنته فمر لهم أحسن يوم على ما اشتهوا وما زالوا بالرصافي إلى أن شرب لما غلب عليه الطرب فقال الكتندي .
( غلبناك عما رمته يا ابن غالب ... براح وريحان وشدو وكاعب ) .
فقال أبو جعفر .
( بدا زهده مثل الخضاب فلم يزل ... به ناصلا حتى بدا زور كاذب ) .
فلما غربت الشمس قالوا ما رأينا أقصر من هذا اليوم وما ينبغي أن يترك بغير وصف فقال أبو جعفر أنا له ثم قال بعد فكرة وهو من عجائبه التي تقدم بها المتقدمين وأعجز المتأخرين .
( الله يوم مسرة ... أضوا وأقصر من ذباله ) .
( لما نصبنا للمنى ... فيه بأوتار حباله ) .
( طار النهار به كمرتاع ... فأجفلت الغزاله ) .
( فكأننا من بعده ... بعنا الهداية بالضلاله ) .
والنهار ذكر الحبارى وإليه أشار بقوله ( ( طار النهار ) ) والغزالة الشمس ولا يخفى حسن التوريتين فسلم له الجميع تسليم السامع المطيع .
وعلى ذكر الغزالة في هذا الموضع فلأبي جعفر أيضا فيها وهو من بدائعه قوله .
( بدا ذنب السرحان ينبئ أنه ... تقدم سبت والغزالة خلفه )