أنت - أعزك الله - أولى بقول الخير من قول الشر ومن أمكنه الله من القدرة على الفعل فما يليق به أن يستقدر بالقول فاستحيا منه وأمر به للسجن فمكث فيه مدة وصدرت عنه أشعار في تشوقه إلى بلاده منها قوله .
( لقد بلغ الشوق فوق الذي ... حسبت فهل للتلاقي سبيل ) .
( فلو أنني مت من شوقكم ... غراما لما كان إلا قليل ) .
( تعللني بالتداني المنى ... وينشدني الدهر صبر جميل ) .
( فقل لبثينة إن أصبحت ... بعيدا فلم يسل عنها جميل ) .
( أغض جفوني عن غيرها ... وسمعي عن اللوم فيها يميل ) .
ولم يزل على حاله من السجن إلى أن تحيل في جارية محسنة للغناء حسنة الصوت وصنع موشحته التي أولها .
( نازعك البدر اللياح ... بنت الدنان فلم يدع لك اقتراح على الزمان وفيها يقول يا هل أقول للحسود والعيس تحدى .
( يا لائمي على السراح ... كانت أماني ) .
( أخرجها ذاك السماح ... إلى العيان ) وجعل يلقيها على الجارية حتى حفظتها وأحكمت الغناء بها وأهداها إلى ابن مردنيش بعدما أوصاها أنها متى استدعاها إلى الغناء وظفرت به في أطرب ساعة وأسرها غنته بهذه الموشحة وتلطفت في شأن رغبتها في سراح قائلها فلعل الله تعالى يجعل في ذلك سببا واتفق أن ظفرت بما أوصاها به وأحسنت غناء الموشحة فطرب ابن مردنيش لسماع مدحه وأعجبه مقاصد قائلها