( تجليت من شرق تروق تلألؤا ... فلما انتحيت الغرب أصبحت هاويا ) وكان محمد بن مروان بن زهر - كما في المغرب والمسهب والمطرب وقد قدمنا بعض أخباره - منشأ الدولة العبادية وأول من تثنى عليه الخناصر وتستحسنه البواصر فضاقت الدولة العبادية عن مكانه وأخرج عن بلده فاستصفيت أمواله فلحق بشرق الأندلس وأقام فيه بقية عمره ونشأ ابنه الوزير أبو مروان عبد الملك بن محمد فما بلغ أشده حتى سد مسده ومال إلى التفنن في أنواع التعاليم من الطب وغيره ورحل إلى المشرق لأداء الفرض فملأ البلاد جلالة ونشأ ابنه أبو العلاء زهر بن عبد الملك فاخترع فضلا لم يكن في الحساب وشرع نبلا قصرت عنه نتائج أولي الألباب ونشأ بشرق الأندلس والآفاق تتهادى عجائبه والشام والعراق تتدارس بدائعه وغرائبه ومال إلى علم الأبدان فلولا جلالة قدره لقلنا جاذب هاروت طرفا من سحره ولولا أن الغلو آفة المديح لتجاوزت طلق الجموح ولكنني اكتفيت بالكناية عن التصريح ولم يزل مقيما بشرق الأندلس إلى أن كان من غزاة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين ومن انضم إليه من ملوك الطوائف ما علم وشخص أبو العلاء معهم فلقيه المعتمد بن عباد واستماله واستهواه وكاد يغلب على هواه وصرف عليه أملاكه فحن إلى وطنه حنين النيب إلى عطنه والكريم إلى سكنه ونزع إلى مقر سلفه نزوع الكوكب إلى بيت شرفه إلا أنه لم يستقر بإشبيلية إلا بعد خلع المعتمد وحل عند يوسف بن تاشفين محلا لم يحله الماء من العطشان ولا الروح من جسد الجبان ولما كتب إليه حسام الدولة ابن رزين ملك السهلة بقوله .
( عاد اللئيم فأنت من أعدائه ... ودع الحسود بغله وبذائه )