وقد كاد يغوص في الأرض لو وجد لشدة ما حل به مما رأى وسمع وقال والعجب من قوم يقولون الابتعاد من الشعراء أولى من الاقتراب نعم ذلك لمن ليس له مفاخر يريد تخليدها ولا أياد يرغب في نشرها فأين الذين قيل فيهم .
( على مكريهم رزق من يعريهم ... وعند المقلين السماحة والبذل وأبن الذي قيل فيه ) .
( إنما الدنيا أبو دلف ... بين مبداه ومحتضره ) .
( فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره ) .
أما كان في الجاهلية والإسلام أكرم ممن قيل فيه هذا القول بلى ولكن صحبة الشعراء والإحسان إليهم أحيت غابر ذكرهم وخصتهم بمفاخر عصرهم وغيرهم لم تخلد الأمداح مآثرهم فدثر ذكرهم ودرس فخرهم انتهى بنو صمادح .
ومن حكاياتهم في العدل أنه لما بنى المعتصم بن صمادح ملك ألمرية قصوره المعروفة بالصمادحية غصبوا أحد الصالحين في جنة وألحقوها بالصمادحية وزعم ذلك الصالح أنها لأيتام من أقاربه فبينا المعتصم يوما يشرب على الساقية الداخلة إلى الصمادحية إذ وقعت عينه على أنبوب قصبة مشمع فأمر من يأتيه به فلما أزال عنه الشمع وجد فيه ورقة فيها ( ( إذا وقفت أيها الغاصب على هذه الورقة فاذكر قول الله تعالى ( إن هذا أخي له تسع