لا يدرون أيرضي أم يسخط وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يبعث قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة وحسدك لهم لأن الناس كما قال القائل .
( من رأى الناس له فضلا ... عليهم حسدوه ) .
وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة ولسنا إن شاء الله تعالى نبلغ أحدا غرضه في أحد ولو بلغناكم في جانبكم وإنك ضربت في حديد بارد وأخطأت وجه الصواب فزدت بذلك احتقارا وصغارا وإني ما أطرقت من خطاب الرمادي إنكارا عليه بل رأيت كلاما يجل عن الأقدار الجليلة وتعجبت من تهديه له بسرعة واستنباطه له على قلته من الإحسان الغامر ما لا يستنبطه غيره بالكثير والله لو حكمته في بيوت الأموال لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به قلبه ذرة وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص قبل أن يؤخذ معه فيه ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم فإننا لا نتغير عليهم بغضا لهم وانحرافا عنهم بل تأديبا وإنكارا فإنا من نريد إبعاده لم نظهر له التغير بل ننبذه مرة واحدة فإن التغير إنما يكون لمن يراد استبقاؤه ولو كنت مائل السمع لكل أحد منكم في صاحبه لتفرقتم أيدي سبا وجونبت أنا مجانبة الأجرب وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري فلا تعدلوا عن مرضاتي فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم ثم أمر أن يرد الرمادي وقال له أعد علي كلامك فارتاع فقال الأمر على خلاف ما قدرت الثواب أولى بكلامك من العقاب فسكن لتأنيسه وأعاد ما تكلم به فقال المنصور بلغنا أن النعمان بن المنذر حشا فم النابغة بالدر لكلام استحسنه منه وقد أمرنا لك بما لا يقصر عن ذلك ما هو أنوه وأحسن عائدة وكتب له بمال وخلع وموضع يتعيش منه ثم رد رأسه إلى المتكلى في شأن الرمادي