( فقال ولو رمت عن حبه ... رحيلا عصيت ولم أذهب ) .
قال فسمعت ما يقصر عنه صدور الشعراء وشهدت له بالتقدم وقلت له لم أر أحسن من نظمك في جد ولا هزل ثم قلت له أأرويه عنك فقال نعم ما أرى به بأسا بعد اطلاع من يعلم السرائر على ما في الضمائر فما قدر هذه الفكاهة في إغضاء من يغفر الكبائر ويغضي عن العظائم قال فقلت له فإن أسبغت علي النعمة بزيادة شيء من هذا الفن فعلت ما تملك به قلبي آخر الدهر فقال يا بني لا ملك قلبك غير حب الله تعالى ! ثم قال ولا أجمع عليك رد قول ومنعا وأنشد .
( أيها الشادن الذي ... حسنه في الورى غريب ) .
( لحظ ذاك الجمال يطفئ ... ما بي من اللهيب ) .
( وعليه أحوم دهري ... ولكنني أخيب ) .
( كلما رمت زورة ... قيض الله لي رقيب ) .
قال فمازج قلبي من الرقة واللطافة لهذا الشعر ما أعجز عن التعبير عنه فقلت له زدني زادك الله تعالى خيرا فأنشدني .
( ما كان قلبي يدري قدر حبكم ... حتى بعدتم فلم يقدر على الجلد ) .
( وكنت أحسب أني لا أضيق به ... ذرعا فما حان حتى فت في عضدي ) .
( ثم استمرت على كره مريرته ... فكاد يفرق بين الروح والجسد ) .
( عساكم أن تلاقوا باللقا رمقي ... فليس لي مهجة تقوى على الكمد ) .
ثم قال حسبك وإن كلفتني زيادة فالله حسبك فقلت له قد وكلتني إلى كريم غفور رحيم فبالله إلا ما زدتني وأكببت لأقبل رجليه فضمهما وأنشد