به أهويت إلى يده كي أقبلها فضمها بسرعة وقال ما شأنك فقلت راغبا لك في أن تنشدني شيئا من نظمك فقال أما نظمي في زمان الصبا فكان له وقت ذهب ويجب للنظم أن يذهب معه وأما نظمي في هذا الوقت فهو فيما أنا بسبيله وهو يثقل عليك فقلت له إن أنصف سيدي الشيخ نفعنا الله تعالى به أنشدني من نظم صباه ومن نظم شيخوخته فيأخذ كلانا بحظه فضحك وقال ما أعصيك وأنت ضيف وقريب ولك حرمة أدب ووسيلة قصد ثم أنشدني وقد بدا عليه الخشوع وخنقته العبرة .
( ثق بالذي سواك من ... عدم فإنك من عدم ) .
( وانظر لنفسك قبل قرع ... السن من فرط الندم ) .
( واحذر وقيت من الورى ... واصحبهم أعمى أصم ) .
( قد كنت في تيه إلى ... أن لاح لي أهدى علم ) .
( فاقتدت نحو ضيائه ... حتى خرجت من الظلم ) .
( لكن قناديل الهوى ... في نور رشدي كالحمم ) .
قال فوالله لقد أدركني فوق ما أدركه وغلب على خاطري بما سمعت من هذه الأبيات وفعلت بي من الموعظة غاية لم أجد منها التخلص إلا بعد حين فقال لي الشيخ إن هذه يقظة يرجى معها خيرك والله مرشدك ومنقذك ثم قال لي يا بني هذا ما نحن بسبيله الآن فاسمع فيما مضى والله ولي المغفرة وإنا لنرجو منه غفران الفعل فكيف القول وأنشد .
( أطل عذار على خده ... فظنوا سلوي عن مذهبي ) .
( وقالوا غراب لوشك النوى ... فقلت اكتسى البدر بالغيهب ) .
( وناديت قلبي أين المسير ... وبدر الدجى حل بالعقرب )