ملابس كالرياض ذات الأزاهر فقمت مروعا فأمسكني وبادر بالجلوس إلى جانبي بحيث منعني عن القيام عن الوساد وأبدى من الجميل ما أبدلني بالنفاق بعد الكساد ثم قال غلبني الشوق إليك ولم أرد إزعاجك والتثقيل عليك ثم استدعى من كان في مجلسه من خواص القوالين فحضروا وأخذوا من الغناء فيما يملأ المسامع التذاذا ويجعل القلوب من الوجد جذاذا وكان له في ذلك الوقت مملوكان هما نيرا سماء ملكه وواسطتا در سلكه وقطبا فلك طربه ووجده وركنا بيت سروره ولهوه وكانا يتناوبان في خدمته فحضر أحدهما في تلك الليلة وغاب الآخر وكان كثيرا ما يداعبني في أمرهما ويستجلب مني القول فيهما والكلام في التفضيل بينهما فقلت للوقت .
( يا مالكا لم يحك سيرته ... ماض ولا آت من البشر ) .
( اجمع لنا تفديك أنفسنا ... في الليل بين الشمس والقمر ) فطرب وأمر في الحال بإستدعاء الغائب منهما فحضر والنوم قد زاد أجفانه تفتيرا ومعاطفه تكسيرا فقلت بين يديه بديها في صفة المجلس .
( سقى الرحمن عصرا قد مضى لي ... بأكنافالرها صوب الغمام ) .
( وليلا باتت الأنوار فيه ... تعاون في مدافعة الظلام ) .
( فنور من شموع أو ندامى ... ونور من سقاة أو مدام ) .
( يطوف بأنجم الكاسات فيه ... سقاة مثل أقمار التمام ) .
( تريك به الكؤوس جمود ماء ... فتحسب راحها ذوب الضرام ) .
( يميل به غصونا من قدود ... غناء مثل أصوات الحمام ) .
( فكم من موصلي فيه يشدو ... فينسي النفس عادية الحمام )