وبين يديه غلام حسن المحاسن جميل الزي لين الأخلاق فقال الأمير يا ابن عاصم ما يصلح في يومنا هذا فقال عقار تنفر الذبان وتؤنس الغزلان وحديث كقطع الروض قد سقطت فيه مؤونة التحفظ وأرخي له عنان التبسط يديرها هذا الأغيد المليح فاستضحك الأمير ثم أمر بمراتب الغناء وآلات الصهباء فلما دارت الكأس واستمطر الأمير نوادره أشار إلى الغلام أن يلح في سقيه ويؤكد عليه فلما أكثر رفع رأسه إليه وقال على البديهة .
( يا حسن الوجه لا تكن صلفا ... ما لحسان الوجوه والصلف ) .
( تحسن أن تحسن القبيح ولا ... ترثي لصب متيم دنف ) فاستبدع الأمير بديهته وأمر له ببدرة ويقال إنه خيره بينها وبين الوصيف فاختارها نفيا للظنة عنه انتهى .
استطراد حول ابن ظافر قلت أذكرتني هذه الحكاية ما حكاه علي بن ظافر عن نفسه إذ قال كنت عند المولى الملك الأشرف بن العادل بن أيوب سنة 603 بالرها وقد وردت إليه في رسالة فجعلني بين سمعه وبصره وأنزلني في بعض دوره بالقلعة بحيث يقرب عليه حضوري في وقت طلبتي أو إرادة الحديث معي فلم أشعر في بعض الليالي وأنا نائم في فراشي إلا به وهو قائم على رأسي والسكر قد غلب عليه والشمع تزهر حواليه وقد حف مماليكه به وكأنهم الأقمار الزواهر في