رجع إلى أخبار صاعد اللغوي البغدادي .
359 - رجع إلى أخبار صاعد اللغوي البغدادي رجع إلى أخبار صاعد اللغوي البغدادي وحكي أنه دخل على المنصور يوم عيد وعليه ثياب جدد وخف جديد فمشى على حافة البركة لازدحام الحاضرين في الصحف فزلق فسقط في الماء فضحك المنصور وأمر بإخراجه وقد كاد البرد أن يأتي عليه فخلع عليه وأدنى مجلسه وقال له هل حضرك شيء فقال .
( كانا في الزمان عجيبة ... ضرط ابن وهب ثم وقعة صاعد ) .
فاستبرد ما أتى به فقال أبو مروان الكاتب الجزيري هلا قلت .
( سروري بغرتك المشرقه ... وديمة راحتك المغدقه ) .
( ثناني نشوان حتى غرقت ... في لجة البركة المطبقه ) .
( لئن ظل عبدك فيها الغريق ... فجودك من قبلها أغرقه ) .
فقال له المنصور لله درك يا أبا مروان ! قسناك بأهل بغداد ففضلتهم فبمن نقيسك بعد انتهى .
وقال في الذخيرة في ترجمة صاعد وفد على المنصور نجما من المشرق غرب ولسانا عن العرب أعرب وأراد المنصور أن يعفي به آثار أبي علي القالي فألفى سيفه كهاما وسحابه جهاما من رجل يتكلم بملء فيه ولا يوثق بكل ما يذره ولا ما يأتيه انتهى باختصار .
وأصل صاعد من ديار الموصل وقال ارتجالا وقد عبث المنصور بترنجان .
( لم أدر قبل ترنجان عبثت به ... أن الزمرد أغصان وأوراق ) .
( من طيبه سرق الأترج نكهته ... يا قوم حتى من الأشجار سراق ) .
( كأنما الحاجب المنصور علمه ... فعل الجميل فطابت منه أخلاق ) .
وقدمه الحجاري بقوله .
( كأن إبريقنا والراح في فمه ... طير تناول ياقوتا بمنقار ) .
وقبله .
( وقهوة من فم الإبريق صافية ... كدمع مفجوعة بالإلف معبار ) .
وقال في بدائع البدائه دخل صاعد اللغوي على بعض أصحابه في مجلس شراب فملأ الساقي قدحا من إبريق فبقيت على فم الإبريق نقطة من الراح قد تكونت ولم تقطر فاقترح عليه الحاضرون وصف ذلك فقال .
( وقهوة من فم الإبريق ساكبة ... ) البيتين .
ثم قال بعدهما وإنما اهتدم صاعد قول الشريف أبي البركات علي بن الحسين العلوي .
( كأن ريح الروض لما أتت ... فتت علينا مسك عطار ) .
( كأنما إبريقنا طائر ... يحمل ياقوتا بمنقار ) انتهى