وصول غلامي كافور إلى هنا فقال وعلى هذه الحال فقلت لا أقنع بسواه إلا بحضوره بين يديك فقال أدخلوه فمثل قائما بين يديه في موقعته وهو كالنخلة إشرافا فقال قد حضر وإنه لباذ الهيئة فمالك أضعته فقلت يا مولانا هنالك الفائدة اعلم يا مولاي أنك وهبت لي اليوم ملء جلد كافور مالا فتهلل وقال لله درك من شاكر مستنبط لغوامض معاني الشكر ! وأمر لي بمال واسع وكسوة وكسا كافورا أحسن كسوة انتهى .
ولما دخل صاعد دانية وحضر مجلس الموفق مجاهد العامري أمير البلد كان في المجلس أديب يقال له بشار فقال للموفق دعني أعبث بصاعد فقال له لا تتعرض إليه فإنه سريع الجواب فأبى إلا مساءلته وكان بشار المذكور أعمى فقال لصاعد يا أبا العلاء ما الجرنفل في كلام العرب فعرف صاعد أنه وضع هذه الكلمة وليس لها أصل في اللغة فقال بعد أن أطرق ساعة الجرنفل في اللغة الذي يفعل بنساء العميان ولا يتجاوزهن إلى غيرهن وهو في ذلك كله يصرح ولا يكني فخجل بشار وانكسر وضحك من كان حاضرا فقال له الموفق قلت لك لا تفعل فلم تقبل انتهى .
والجرنفل بضم الجيم والراء وسكون النون وضم الفاء وبعدها لام .
ولصاعد أخبار ونوادر كثيرة غير ما تقدم وله مع المنصور بن أبي عامر C تعالى من ذلك كثير وبعضه ذكرناه في هذا الكتاب .
ومن حكاياته أنه خرج معه يوما إلى رياض الزاهرة فمد المنصور يده إلى شيء من الريحان المعروف بالترنجان فعبث به ورماه إلى صاعد وأشار إليه أن يقول فيه فارتجل .
( لم أدر قبل ترنجان عبثت به ... ) الأبيات الآتية