قال ابن حزم أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره لا تفسير محمد بن جرير ولا غيره وكان محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب الأندلس محبا للعلوم عارفا بها فلما دخل بقي بن مخلد الأندلس بمصنف ابن أبي شيبة وقرىء عليه أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستبشعوه وقام جماعة من العامة عليه ومنعوه من قراءته فاستحضره الأمير محمد وإياهم وتصفح الكتاب جزءا جزءا حتى أتى على آخره ثم قال لخازن كتبه هذا الكتاب لا تستغني خزانتنا عنه فانظر في نسخه لنا وقال لبقي انشر علمك وارو ما عندك ونهاهم أن يتعرضوا له قال ابن حزم مسند بقي روي فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه فهو مسند ومصنف أعلم هذه الرتبة لأحد قبله مع ثقته وضبطه وإتقانه واحتفاله في الحديث وله في فتاوى الصحابة والتابعين ممن ذكرهم أربى فيه على مصنف أبي بكر بن أبي شيبة وعلى مصنف عبد الرزاق وعلى مصنف سعيد بن منصور ثم ذكر تفسيره فقال فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام لا نظير لها وكان متخيرا لا يقلد أحدا وكان جاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي .
وذكر القشيري أن امرأة جاءته فقالت له إن ابني قد أسرته الفرنج وإني لا أنام الليل من شوقي إليه ولي دويرة أريد أن أبيعها لأفتكه بها فإن رأيت أن تشير إلى من يأخذها ويسعى في فكاكه فليس لي ليل ولا نهار ولا صبر ولا قرار فقال نعم انصرفي حتى ننظر في ذلك إن شاء الله تعالى