سلسبيل تنساب مذانبه أنسياب الأراقم بكل سبيل ورياض يحيي النفوس نسميها العليل تتبرج لناظريها بمجتلى صقيل وتناديهم هلموا إلى معرس للحسن ومقيل قد سئمت أرضها كثرة الما حتى اشتاقت إلى الظمأ فتكاد تناديك بها الصم الصلاب ( اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) قد أحدقت بها البساتين إحداق الهالة بالقمر واكتنفتها اكتناف الكمامة للزهر وامتدت بشرقيها غوطتها الخضراء امتداد البصر فكل موقع لحظة بجهاتها الأربع نظرته اليانعة قيد النظر ولله صدق القائلين فيها إن كانت الجنة في الأرض فدمشق لا شك فيها وإن كانت في السماء فهي بحيث تسامتها وتحاذيها .
قال العلامة ابن جابر الوادي آشي بعد ذكره وصف ابن جبير لدمشق ما نصه ولقد أحسن فيما وصف منها وأجاد وتوق الأنفس للتطلع على صورتها بما أفاد هذا ولم تكن له بها إقامة فيعرب عنها بحقيقة علامة وما وصف ذهبيات أصيلها وقد حان من الشمس غروب ولا أزمان فصولها المتنوعات ولا أوقات سرورها المهنئات ولقد أنصف من قال ألفيتها كما تصف الألسن وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين انتهى .
رجع إلى كلام ابن جبير فنقول .
ثم ذكر في وصف الجامع أنه من أشهر جوامع الإسلام حسنا وإتقان بناء وغرابة صنعة واحتفال تنميق وتزيين وشهرته المتعارفة في ذلك تغني عن استغراق الوصف فيه ومن عجيب شأنه أنه لا تنسج به العنكبوت ولا تدخله ولا تلم به الطير المعروفة بالخطاف ثم مد النفس في وصف الجامع وما به من العجائب ثم قال بعد عدة أوراق ما نصه وعن يمين الخارج من باب