الواسطة من العقد لأنه يشاركهم في جميع محاسنهم وفضائلهم ومناقبهم وخصائصهم ويتفرد عنهم بمزية الأدب الذي هو ابن بجدته وأبو عذرته وأخو جملته وما على ظهرها اليوم أحسن منه كتابة وأتم بلاغة وكأنما أوحى بالتوفيق والتسديد إلى قلبه .
وحبست الفقر والغرر بين طبعه وفكره فهو من ابن العميد عوض ومن الصاحب خلف ومن الصابي بدل ثم إذا تعاطى النظم فكأن عبد الله بن المعتز وعبيد الله بن عبد الله بن طاهر وأبا فراس الحمداني قد نشروا بعد ما قبروا وأوردوا إلى الدنيا بعد ما انقرضوا .
وهؤلاء أمراء الأدباء وملوك الشعراء وقد أنصف من وصف بلاغته في النثر وبراعته في النظم حيث قال من قصيدة .
( يا من كساه الله أردية العلى ... وحباه عطر ثنائها المتضوع ) .
( وإذا نظرت إلى محاسن وجهه المسعود ... قلت لمقلتي فيها ارتعي ) .
( وإذا قريت الأذن شهد كلامه ... قلت اسمعي وتمتعي وارعي وعي ) .
( وكأنما يوحى إلى خطراته ... في مطلع أو مخلص أو مقطع ) .
( لك في المحاسن معجزات جمة ... أبدا لغيرك في الورى لم تجمع ) .
( بحران بحر في البلاغة شابه ... شعر الوليد وحسن حفظ الأصمعي ) .
( وترسل الصابي يزين علوه ... خط ابن مقلة ذي المحل الأرفع ) .
( شكرا فكم من فقرة لك كالغنى ... وافى الكريم بعيد فقر مدقع ) .
( وإذا تفتق نور شعرك ناضرا ... فالحسن بين مرصع ومضرع ) .
( أرجلت فرسان القريض ورضت أفراس ... البديع وأنت أفرس مبدع )