ومن مشبه إياه بمن يقدم مائدة تشتمل على غرائب المأكولات وبدائع الطيبات ثم يتبعها بطعام وضر وشراب عكر أو من يتبخر بالند المعشب المثلث المركب من العود الهندي والمسك الأصهب والعنبر الأشهب ثم يرفقه بإرسال الريح الخبيثة ويفسده بالرائحة الردية أو بالواحد من عقلاء المجانين ينطق بنوادر الكلم وطرائف الحكم ثم يعتريه سكرة الجنون فيكون أصلح أحواله وأمثل أقواله أن يقول اعذروني فإن العذرة متعذرة .
فمما نشر أبو الطيب من هذا النمط قوله .
( أتراها لكثرة العشاق ... تحسب الدمع خلقة في المآقي ) - من الخفيف - .
وهو ابتداء ما سمع بمثله ومعنى تفرد بابتداعه ثم شفعه بما لا يبالي العاقل أن يسقطه من شعره فقال .
( كيف ترثي التي ترى كل جفن ... راءها غير جفنها غير راقي ) .
وقوله .
( ليالي بعد الظاعنين شكول ... طوال وليل العاشقين طويل ) .
( يبن لي البدر الذي لا أريده ... ويخفين بدرا ما إليه وصول ) .
( وما عشت من بعد الأحبة سلوة ... ولكنني للنائبات حمول ) .
( وما شرقي بالماء إلا تذكرا ... لماء به أهل الخليط نزول ) .
( يحرمه لمع الأسنة فوقه ... فليس لظمآن إليه سبيل ) - من الطويل - .
من قصيدة اخترع أكثر معانيها وتسهل في ألفاظها فجاءت مصنوعة ثم