فهو والله أكثف ظلالك في العاجلة وأروحها في الآجلة إن أقمت على المحايدة والعنود ووقفت على المشاقة والجحود .
ومنها تأمل حالك وقد بلغت هذا الفصل من كتابي فستنكرها والمس جسدك وانظر هل يحس واجسس عرقك هل ينبض وفتش ما حنا عليك هل تجد في عرضها قلبك وهل حلى بصدرك أن تظفر بفوت سريح أو موت مريح ثم قس غائب أمرك بشاهده وآخر شأنك بأوله .
قال مؤلف هذا الكتاب بلغني عن بلكا وكان آدب أمثاله أنه كان يقول والله ما كانت لي حال عند قراءة هذا الفصل إلا كما أشار إليه الأستاذ الرئيس ولقد ناب كتابه عن الكتائب في عرك أديمي وأستصلاحي وردى إلى طاعة صاحبه .
أقرأني أبو الحسين محمد بن الحسين الفارسي النحوي وقد اجتمعنا بإسفرائين عند زعيمها أبي العباس الفضل بن علي فصلا من كتاب لإبن العميد إلى عضد الدولة وكنت مررت عليه وأنا عنه غافل فنبهني على شرفه في جنسه وحرك مني ساكنا معجبا بحسنه متعجبا من نفاسة معناه وبراعة لفظه وهو قد يعد أهل التحصيل في أسباب انقراض العلوم وانقباض مددها وانتقاض مررها .
والأحوال الداعية إلى ارتفاع جل الموجود منها وعدم الزيادة فيها الطوفان بالنار والماء والموتان العارض من عموم الأوباء وتسلط المخالفين في المذاهب والآراء فإن كل ذلك يخترم العلوم اختراما .
وينتهكها انتهاكا ويجتث أصولها اجتثاثا وليس عندي الخطب في جميع ذلك يقارب ما يولده تسلط ملك جاهل تطول مدته وتتسع قدرته .
فإن البلاء به لا يعدله بلاء وبحسب عظم المحنة بمن هذه صفته والبلوى بمن هذه صورته تعظم النعمة