قال أبو عبيد : ومنها قوله حين ذكر الفتن والحوادث التي تكون في آخر الزمان فقال له حذيفة بن اليمان أبعد هذا الشر خير فقال : " هُدْنَة عَلَى دَخَن وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذاءٍ " فقيل له وما هو قال لا ترجع قلوب قوم على ما كانت قال أبو عبيد فقد علم أن الأقذاء إنما تكون في العين أو في الشراب وأن الدّخَن إنما يكون من الدخان فجعل ذلك رسول الله A مثلاً لنَغل القلوب وما فيها من الضغائن والأحقاد .
ع : الدخن ليس في معنى الدخانٍ كما قال أبو عبيد وإنما الدخن فسادٌ في القلب عن باقي عداوة وبهذا فسر حديث النبي ولا مدخل هنا لاستعارة الدخان والدخن لغة في الدخان وكذلك الدخ وفي الحديث أن النبي قال لابن صياد : " قَدْ خَبَأتُ لَكَ خَبيئاً فَما هُو قَالَ : الدخ . فَقَال رَسُول الله صلى إخْسَأ فَلَنْ تَعدُو قَدْرَكَ " وَكَان قَبَضَ مِنْ دُخان مَرّ بِهِ بيده . وقال الداوودي ويقال إنه خبأ له سورة الدخان .
قال أبو عبيد : ومنها حديثه A حين ذكر الدنيا وزينتها فقال : " وَإنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطاً أوْ يُلِمُّ " فأراد عليه السلام أنها وإن كانت ذات بهجة او جمال فقد تؤول بصاحبها إذا سلك بها غير القصد إلى سوء المغبة كما أن آكِلَةَ الخَضِرِ من الماشية إذا لم تقتصد في مراعيها آل بها ذلك إلى أن تستوبله حتى تحبط منه بطونها فتهلك