17 - باب الحديث يُستذكر به حديث غيره .
قال أبو عبيد : من أمثالهم في هذا قولهم " الحَديِثُ ذُو شُجُونٍ " وكان المفضل ابن محمد 1 يحدث بهذا المثل عن ضبّه بن أد قال وكان بدء ذلك أنه كان له ابنان يقال لأحدهما سعد والآخر سُعَيد فخرجا في طلب إبل لهما فرجع سعد ولم يرجع سُعَيد فكان ضبه كلما رأى شخصاً مقبلاً قال " أسَعْدٌ أَمْ سُعيد " فذهبت كلمته هذه مثلاً . قال ثم إن ضبة بينما هو يسير ومعه الحارث بن كعب في الشهر الحرام إذ أتيا على مكان فقال الحارث لضبة : أترى ه1ا الموضع فإني لقيت فيه فتى من هيئته كذا وكذا فقتلته وأخذت منه هذا السيف فإذا هي صفى سعيد فقال له ضبة : أرني السيد أنظر اليه فناوله فعرفه ضبة قال فعندها قال : إنّ الحديثَ ذو شُجُون " فذهبت كلمته الثانية مثلاً أيضاً ثم ضرب به الحارث حتى قتله قال فلامه الناس على ذلك وقالوا أتقتل في الشهر الحرام فقال : " سَبَقَ السَّيْفُ الَعَدَل " فذهبت كلمته الثالثة مثلاً أيضاً ويقال إنما هو العَذْل وإنما جاز في الشعر للضرورة . 3 .
قد ذكر أبو عبيد حديث هذا المثل وأول من نطق به وترك معنى قولهم ذو شجون ومعناه أن يدخل بعضه في بعض ويجر بعضه بعضاً مأخوذ من الشواجن وهي أودية كثيرة من الشجر غامضة يقال أشجنت الأرض إذا كثرت الشواجن فيها وهي الأودية والشجون أيضاً الحاجات واحدها شجن قال الشاعر : .
( وَالنَّفْسُ شَتَّى شُجُونُها ... ) .
قال ابن الأنباري معنى قوله ذو شجون أي ذو فنون وتمسّك وتشبّك من بعضه ببعض يقال شحر متشجن إذا التف بعضه ببعض وقال النبي : " الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الله " ويقال شُجنة بالضم قال أبو عبيد معناه القرابة مشتبك بعضها ببعض كاشتباك العروق قال ثم استعملوا الشجن في معنى الحاجة والحب لي في موضع كذا شجن أي حاجة وحب قال2 : .
( إني سَأُبْدي لَكَ فِيمَا أُبْدي ... لي شَجَنانِ : شَجَنٌ بِنَجْدِ ) .
( وَشَجَنٌ لي بِبِلاِدِ الهِنْدِ ... ) .
وأنشد أبو عبيد في هذا الحديث للفرزدق : .
( فَلا تَأمَنَنَّ الحَرْبَ إنَّ اسْتِعارَهَا ... كَضَبَّةَ إذْ قَالَ : الحَدِيثُ شُجُونُ ) .
وقبله : .
( وإنْ كُنْتََ قَدْ سَالَمْت دُوني فَلا تُقِمْ ... بِأَرْضٍ بِهَا بَيْتُ الهَوَانِ يَكُو ) .
( فَلا تَأْمَنَن . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ) .
هكذا روي عن أبي عبيد " أن استعارها " بالسين والعين المهملتين وروا ابن الأنباري : أن اشتغارها بالشين والغين المعجمتين قال يريد هيجها وانتشارها من قولهم شغر برجله إذا امكن يقول تفاجئك كما فاجأ ضبة الحارثَ يريد أن قتل ضبة للحارث كان الكلام سببه كما قال الآخر :