من اسم وفعل أن امرأة من العرب كانت تسمى خفِرة تبيع الطيب فورد بعض أحياء العرب عليها فأخذوا طيبها وفضحوها فلحقهم قومها ووضعوا السيف فيهم وقالوا : اقتلوا من شم من طيبها . وزعم قوم أن هذا المثل إنما سار في الناس يوم حليمة وهو اليوم الذي قيل فيه ( مَا يَوْمُ حَلِيمَةَ بِسِرٍّ ) وهو اليوم الذي كانت فيه الحرب بين الحارث بن أبي شمر ملك الشام وبين المنذر بن المنذر بن امرئ القيس ملك العراق فقتل فيه المنذر وقد تقدم ذكره وإنما أضيف هذا اليوم إلى حليمة لأنها أخرجت إلى المعركة مراكن الطيب فكانت تطيب الداخلين في الحرب فقاتلوا من أجل ذلك حتى تفانوا . 228 باب مقلية القوم بعضهم بعضاً والإستشهاد عليه بالنظر .
قال أبو عبيد : من أمثالهم في هذا : ( شَاهِدُ البُغْضِ اللَّحْظُ ) ومثله في الحب : ( جَلا مُحِبٌّ نَظَرَهُ ) ومنه قول زهير : .
( فَإِنْ تَكُ في صَدِيقٍ أَوْ عَدُوٍّ ... تُخبّركَ العيُونُ عَنِ القلوبِ ) .
ع : هكذا أورد أبو عبيد هذا المثل برفع محب ونصب نظره والصواب جلا محباً نظره أي ابدى لك نظره ما ينطوي لك عليه .
وعلى هذا يصح أن يوضع مع المثل الذي قبله : ( شاهد البغض اللحظ ) والعرب تقول : ( رُبَّ لَحْظٍ أَنَمُّ مِنْ لَفْظٍ ) وقال ابن أبي حَازم : .
( خُذْ مِنَ العَيْشِ مَا كَفى ... وَمِنَ الدَّهْرِ مَا صَفَا )