115 - باب الحذق بالأُمور وحسن المعاناة لها .
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : ومن أمثالهم في الحذق بالأمر والترفق فيه قولهم : ( أَنا مِنْهُ كَحَاقِنِ الإِهالَةِ ) والإهالة : الوَدَك المذاب وليس يحقنها العالم بها حتى يعلم أنها قد بَرَدَتْ لئلا تحرق السقاء .
ع : كل شيء جمعته من لبن أو شراب ثم شددته في سقاء فقد حقنته .
ومنه المثل ( أَبَى الحَقِينُ العذْرَة ) أي بطل العُذْر مع حضور اللبن .
وبذلك سمّي حَابس البول حاقناً والحواقن من البطن ما حقن الطعام .
والعرب تقول : لا تحقن حواقنك بذواقنك .
والذواقن : الذقن وما تحته .
قال أبو عبيد : ومن هذا قولهم ( أَعْطِ القَوْسَ بَاريها ) أي اسْتَعِنٍ على عملك بأهل المعرفة والحذق .
ع : أول من نطق بهذا المثل الحطيئة .
وذلك أنه دخل على سعيد بن العاص وهو يغدّي الناس فأكل أكلاً جافياً .
فلمّا فرغ الناس من طعامهم وخرجوا أقام مكانه فأتاه الحاجبُ ليخرجه فامتنع وقال : أترغب بهم عن مجالستي إني بنفسي عنهم لأرغب .
فلما سمع سعيد ذلك منه وهو لا يعرفه قال : دعْهُ .
وتذاكروا الشعر والشعراء .
فقال لهم : أصبتم جيد الشعر ولو أعطيتم القوس باريها لوقعتم على ما تريدون .
فانتبه له سعيد ونسبه فانتسب له فقال : حيّاك الله يا أبا مُليكة ! ألا أعلمتنا بمكانك ولم تحملنا على الجهل بك فنضيّع حقك