110 - باب صيانة الرجل الحر نفسه عن خسيس المكاسب .
قال أبو عبيد : من أمثال أكثم بن صيفيّ ( تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلا تَأْكُلُ بِثَدْيَيْها ) .
قال : وهذا مثل قديم .
ولكن العامة ابتذلته وحوّلته فقالت : لا تأكل ثدييها .
قال بعض العلماء : ليس هذا بشيء وإنما هو بثدييها ومعناه عندهم الرضاع يقول : لا تكون ظئراً لقوم على جُعل تأخذه منهم .
ثم قال : وذكر بعض أهل العلم أن المثل للحارث بن السليل الأسدي قاله لإمرأته ريّا بنت علقمة الطائي وذكر خبره .
ع : ذكر أبو محمد ابن قتيبة هذا المثل في شرح حديث النبي أن الحجاج سأله : ما يُذهب عني مذمّة الرضاع .
قال : غُرّةٌ : عبدٌ أو أمة .
قال : يعني ذِمَامَ المرضعة برضاعها وكانوا يستحبّون أن يرضخوا للظئر شيئاً عند فصال الصبيّ سوى الأجر .
وأما العرب فكانوا يعدون أخذ الأجر على الرضاع سُبّة ولذلك قيل : تجوع الحرّة ولا تأكل ثَدْييها .
وقال العلماء : بثدييها والقولان صحيحان لأنها إذا أكلت ثمن لبنها فكأنها قد أكلت ثدييها كما قال الراجز : .
( إِنْ لنا أَحْمِرةً عِجَافا ... يَأْكُلْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ إِكافا ) .
أي نبيع كل يوم إكافاً من آكفتها ونعلفها ثمنه وكذلك قول الآخر في وصف إبل : .
( نَطْعِمُها إِذا شتت أَوْلادَها ... )