108 - باب المال يضيِّعه من لم يكسبه .
قال أبو عبيد : المثل في اكتساب المرء مال غيره رب سَاعٍ لِقاعِد .
ع : أول من قال ذلك النابغة الذبياني وكان وفد على النعمان بن المنذر في وفود العرب منهم رجل من عبس يقال له ( شَقِيق ) فمات عنده .
فلما حبا الوفودَ بعث إلى أهل شَقِيق بمثل ما حبا به الوفود فقال النابغة : رُبّ سَاعٍ لِقاعِدٍ وقال النابغة للنعمان : .
( أَبْقَيْتَ للْعَبْسيِّ فَضْلاً وَنِعْمَةً ... وَمَحْمَدَةً مِنْ بَاقِياتِ المحامِدِ ) .
( أَتى أَهْلَهُ مِنْهُ حِبَاءٌ وَنِعْمَةٌ ... وَرُبَّ امْرِىءٍ يَسْعَى لآخرَ قَاعِدِ ) .
وذكر أبو محمد الهمداني أن أول من قال ( رُبّ ساعٍ لقَاعِد ) معاوية بن أبي سفيان وكان من خبر ذلك أنه قال لابنه يزيد : هل بقي في نفسك أرب من الدنيا قال : نعم أم خالد امرأة عبد الله بن عامر بن كريز .
وكان عبد الله عامل معاوية على البصرة فأمر عمرو بن العاص أن يكتب إليه يُشير عليه بالوفادة على أمير المؤمنين معاوية لعلّه يعمل له في تزويج هند بنت معاوية .
فخفّ لذلك ابن عامر حتى وصل إليه .
فأزلفه معاوية وقرّبه ثم غفل عنه فساء ذلك عبد الله بن عامر وشكا أمره إلى عمرو بن العاص .
فقال له عمرو : إنه كره أن يُدخل ابنته على ضرّة فطلَّق أم خالد فطلّقها وأقام أياماً فقال له معاوية : إن أهل البصرة تواترت كتبهم يذكرون اضطراباً في البلد وأمره بالعود إلى عمله ووعده بإنفاذ ما ابتدأه .
فانصرف ابن عامر .
فلما انقضت عدّة أم خالد بعث معاوية أبا هريرة إلى المدينة يخطبها على يزيد .
فلما دخل المدينة بدأ بالمسجد فصلى والم بالقبر فسلّم ودعا ثم مال إلى حلقة الحسن والحسين فسلّم وقعد .
فسألوه : فيمَ قَدِمَت فأخبرهم فقال له الحسن : اذكرني لها فمضى حتى استأذن على أم خالد وخبرّها بما بُعث له وبما أوصاه به الحسن .
فقالت : بأيهم تشير يا عمّاه قال : أرددت الأمر إليّ قالت : نعم .
قال : فأرى أن لا يؤثرى أحداً على