قال أبو عبيد : وقال أكثم بن صيفي " المِكْثَارُ كَحَاطبِ اللَّيْلِ " قال : وإنما شبهه بحاطب الليل لأنه ربما نهشته الحية أو لَسَعَتْهُ العقرب في احتطابه ليلاً قال : فكذلك هذا المهذار ربما أصاب في إكثاره بعض ما يكره .
وقال أكثم أيضاً : " الصَّمْتُ يُكْسِبُ لصاحِبِه المَحَبة " وقال غيره من العلماء " النَّدمُ عَلَى السُّكُوتِ خَيْرٌ مِنَ النَّدَمِ عَلَى القَوْلِ " . وقال الثالث " عيٌّ صامتٌ خيرٌ مِنْ عيٍّ ناطقٍ " . وقال بعض أشياخنا كان ربيعة الرأي مكثاراً فسمعه أعرابي يوماً يتكلم فلما كان عند انقضاء مجلسه سأله رجل ما تعدّون العي بالبادية فقال الأعرابي : ما هذا فيه منذ اليوم يعني إكثار ربيعة .
ع : كان حكم هذا المثل على تفسيره هذه أن يضعه في الباب الذي قبل هذا وهو " باب حفظ اللسان لما يخاف على أهله من عقوبات الدنيا " لأن هذا المكثر يصيبه في إكثاره ما يكره كما أن المحتطب ليلاً ربما أصابه من هذا الهوام حِمامُه أو ألَمّ . وقال الفرزدقُ فبيّنَ معناه : .
( وإنَّ امْرءاً يَغْتابُني لَمْ أَطَأْ لَهُ ... حَريماً ولا تَنْهَاهُ عَنِّي أَقَارِبُه ) .
( كَمُحْتَطِبٍ لَيْلاً أَسَاوِدَ هَضْبَةٍ ... أَتاهُ بِها في ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاطِبُه )