الكلام الوجيز لا يؤمن وقوع الإشكال فيه ومن ثم لم يحصل على معانيه إلا خواص أهل اللغة العارفين بدلالات الألفاظ بخلاف الكلام المشبع الشافي فإنه سالم من الالتباس لتساوي الخاص والعام في جهته ويؤيد ذلك ما حكي أنه قيل لقيس بن خارجة ما عندك في جمالات ذات حسن قال عندي قرى كل نازل ورضا كل ساخط وخطبة من لدن تطلع الشمس إلى أن تغرب آمر فيها بالتواصل وأنهى عن التقاطع فقيل لأبي يعقوب الجرمي هلا اكتفى بقوله آمر فيها بالتواصل عن قوله وأنهى عن التقاطع فقال أو ما علمت أن الكتابة والتعريض لا تعمل عمل الإطناب والتكشف ألا ترى أن الله تعالى إذا خاطب العرب والأحزاب أخرج الكلام مخرج الإشارة والوحي وإذا خاطب بني إسرائيل أو حكى عنهم جعل الكلام مبسوطا وقلما تجد قصة لبني إسرائيل في القرآن إلا مطولة مشروحة ومكررة في مواضع معادة لبعد فهمهم وتأخر معرفتهم بخلاف الكلام المشبع الشافي فإنه سالم من الالتباس لتساوي الخاص والعام في فهمه .
وذهبت فرقة إلى ترجيح مساواة اللفظ المعنى واحتجوا لذلك بأن منزع الفضيلة من الوسط دون الأطراف وأن الحسن إنما يوجد في الشيء المعتدل .
قال في مواد البيان والذي يوجبه النظر الصحيح أن الإيجاز والإطناب والمساواة صفات موجودة في الكلام ولكل منها موضع لا يخلفه فيه رديفه إذا وضع فيه انتظم في سلك البلاغة ودل على فضل الواضع وإذا وضع غيره دل على نقص الواضع وجهله برسوم الصناعة .
فأما الكلام الموجز فإنه يصلح لمخاطبة الملوك وذوي الأخطار العالية