القسم الثاني ما كان من الألفاظ دالا على معنى وضع له في أصل اللغة فغيرته العامة وجعلته دالا على معنى آخر وهو على ضربين .
الضرب الأول ما ليس بمستقبح في الذكر ولا مستكره في السمع .
وذلك كتسميتهم الإنسان إذا كان دمث الأخلاق حسن الصورة أو اللباس أو ما هذا سبيله ظريفا والظرف في أصل اللغة مختص بنطق اللسان فقط كما أن الصباحة مختصة بالوجه والوضاءة مختصة بالبشرة والجمال مختص بالأنف والحلاوة مختصة بالعينين والملاحة مختصة بالفم والرشاقة مختصة بالقد واللباقة مختصة بالشمائل فالظرف إنما يتعلق بالنطق فغيرته العامة عن بابه ونقلته إلى أعم من موضوعه كما تقدم وممن وقع له الذهول عن ذلك فغلط فيه أبو نواس في قوله .
( اختصم الجود والجمال ... فيك فصارا إلى جدال ) .
( فقال هذا يمينه لي ... للعرف والبذل والنوال ) .
( وقال هذاك وجهه لي ... للظرف والحسن والكمال ) .
( فافترقا فيك عن تراض ... كلاهما صادق المقال ) .
فوصف الوجه بالظرف وهو من صفات النطق كما تقدم وكذلك أبو تمام في قوله .
( لك هضبة الحلم التي لو وازنت ... أجأ إذا ثقلت وكان خفيفا ) .
( وحلاوة الشيم التي لو مازجت ... خلق الزمان الفدم عاد ظريفا ) .
فوصف الشيم بالحلاوة وهي مختصة بالعينين ووصف الخلق بالظرف وهو