وسهولته كقوله في محبوبته جنان .
( ألم تر أنني أفنيت عمري ... بمطلبها ومطلبها عسير ) .
( فلما لم أجد سببا إليها ... يقربني وأعيتني الأمور ) .
( حجت وقلت قد حججت جنان ... فيجمعني وإياها المسير ) .
فانظر إلى هذه الأبيات ليس فيها لفظه منغلقة وكذلك سائر شعره وكان هو وأبو العتاهية كأنما ينفقان من كيس واحد .
ومن لطيف ما يحكى في توافق طريقتهما واتحاد مأخذهما أن أبا نواس جلس يوما إلى بعض التجار ببغداد هو وجماعة من الشعراء فاستسقى أبو نواس ماء فلما شرب قال .
( عذب الماء وطابا ... ) .
ثم قال أجيزوه فأخذ أولئك الشعراء يترددون في إجازته وإذا هم بأبى العتاهية مجتازا فقال ما شأنكم مجتمعين فقالوا كيت وكيت وقد قال أبو نواس .
( عذب الماء وطابا ... ) .
فقال أبو العتاهية مجيزا له .
( حبذا الماء شرابا ... ) .
فعجبوا لقوله على الفور من غير تلبث فهذا هو الكلام السهل الممتنع تراه يطمعك أن تأتي مثله فإذا حاولت مماثلته راغ عنك كما يروغ الثعلب وهكذا ينبغي أن يكون من خاض في كتابة أو شعر فإن خير الكلام ما دخل الأذن بغير إذن .
ومن النثر قول سعيد بن حميد وأنا من لا يحاجك عن نفسه ولا يغالطك عن جرمه ولا يستدعي برك إلا من طريقته ولا يستعطفك إلا بالإقرار