الوجه الثاني في تحقيق المعاني ومعرفة صوابها من خطئها وحسنها من قبحها وقد قسم صاحب الصناعتين المعاني على خمسة أصناف .
الصنف الأول ما كان من المعاني مستقيما حسنا كقولك رأيت زيدا وهو أعلى الأنواع الخمسة وأشرفها .
قال في الصناعتين والمعنى الصحيح الثابت ينادي على نفسه بالصحة ولا يحوج إلى التكلف لصحته حتى يوجد المعنى فيه خطيبا .
فأما المعنى المستقيم الجزل من النظم فمن الوعظ قول النمر بن تولب يذم طول الحياة .
( يود الفتى طول السلامة والغنى ... فكيف ترى طول السلامة يفعل ) .
( يكاد الفتى بعد اعتدال وصحة ... ينوء إذا رام القيام ويحمل ) .
وقول أبي العتاهية في الوعظ بزوال العز والنعمة بالموت .
( وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيا ) وفي وصف الأيام قول أبي تمام .
( على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب ) .
ومن المدح قول أمية بن أبي الصلت .
( عطاؤك زين لأمريء إن حبوته ... بسيب وما كل العطاء يزين )