البادي راعي الإبل ما كان يمر شيء من ذلك بفهمه ولا يخطر بباله ومع هذا فإنه كان يأتي بالسحر الحلال إن قال شعرا أو تكلم نثرا .
قال ولقد فاوضني بعض المتفلسفين في هذا وانساق الكلام إلى شيء ذكره لأبي علي بن سينا في الخطابة والشعر وذكر ضربا من ضروب الشعر اليوناني يقال له اللوغاذيا وقام فأحضر كتاب الشفاء لأبي علي ووقفني على ما ذكره فلما وقفت عليه استجهلته فإنه طول فيه وعرض كأنه يخاطب بعض اليونان وكل هذا الذي ذكره لغو لا يستفيد به صاحب الكلام العربي شيئا ثم مع هذا جميعه فإن معول القوم فيما يذكر من الكلام الخطابي أنه يورد على مقدمتين ونتيجة وهذا مما لم يخطر لأبي علي بن سينا ببال فيما صاغه من شعر أو كلام مسجوع عمله وعند إفاضته في صوغ مصاغه لم تخطر المقدمتان والنتيجة له ببال ولو أنه فكر أولا في المقدمتين والنتيجة ثم أتى بنظم أو نثر بعد ذلك لما أتى بشيء ينتفع به ولطال الخطب عليه .
قال بل إن اليونان أنفسهم لما نظموا ما نظموه من أشعارهم لم ينظموه في وقت نظمه وعندهم فكرة في مقدمتين ولا نتيجة وإنما هذه أوضاع توضع وتطول بها مصنفات كتبهم في الخطابة والشعر وهي كما يقال .
( قعاقع ليس لها طائل ... كأنها شعر الأبيوردي )