وكيرة الدار والعرس والإعذار فإنهم يوسعون على نفوسهم في النوائب بحسب تضييقهم عليها في الراتب وربما صبروا على تطفيل المتطفلين وأغضوا على تهجم الواغلين ليتحدثوا بذلك في محافلهم الرذلة ويعدوه في مكارم أخلاقهم النذلة ويقول قائلهم الباجح باتساع طعامه المباهي بكثرة حطامه إنني كنت أرى الوجوه الغريبة فأطعمها والأيدي الممتدة فأملؤها .
وهذه طائفة لم ترد بما فعلته الكرم والسعة وإنما أرادت المن والسمعة فإذا اهتدى الأريب إلى طرائقها وصل إلى بغيته من إعلان قضيتها وفاز بمراده من ذخائر حسنتها إن شاء الله .
وأمره أن يصادق قهارمة الدور ومدبريها ويرافق وكلاء المطابخ وحماليها فإنهم يملكون أصحابهم أزمة مطاعمهم ومشاربهم ويضعونها بحيث يحبون من أهل موداتهم ومعارفهم وإذا عدت هذه الطائفة أحدا من الناس خليلا من خلانها واتخذته أخا من إخوانها سعد بمرافقتها ووصل إلى محابه من جهاتها ومآربه في جنباتها .
وأمره أن يتعهد أسواق المسوقين ومواسم المتبايعين فإذا رأى وظيفة قد زيد فيها وأطعمة قد احتشد مشتريها اتبعها إلى المقصد بها وشيعها إلى المنزل الحاوي لها واستعلم ميقات الدعوة ومن يحضرها من أهل النسيان والمروة فإنه لا يخلو فيهم من عارف به يراعي وقت مصيره إليها ليتبعه ويكمن له ليصحبه ويدخل معه وإن خلا من ذلك اختلط بزمر الداخلين وعصب الراحلين فما هو إلا أن يتجاوز عتب الأبواب ويخرج من سلطان البوابين والحجاب حتى يحصل حصولا قل ما حصل عليه أحد قبله فانصرف عنه إلا ضليعا من الطعام بريقا من المدام إن شاء الله