وتقليده فإن كثيرا من الناس قد استقبحه ممن فعله وكرهه لمن استعمله ونسبه فيه إلى الشره والنهم وحمله منه على التفه والقرم فمنهم من غلط في استدلاله فأساء في مقاله ومنهم من شح على ماله فدافع عنه باحتياله وكل الفريقين مذموم وجميعهما ملوم لا يتعلقان بعذر واضح ولا يعتريان من لباس فاضح ومنهم الطائفة التي ترى فيها شركة العنان فهي تتدله إذا كان لها وتتدلى عليه إذا كان لغيرها وترى أن المنة في المطعم للهاجم الآكل وفي المشرب للوارد الواغل وهي أحق بالحرية وأخلق بالخيرية وأحرى بالمروة وأولى بالفتوة وقد عرفت بالتطفيل ولا عار فيه عند ذوي التحصيل لأنه مشتق من الطفل وهو وقت المساء وأوان العشاء فلما كثر استعمل في صدر النهار وعجزه وأوله وآخره كما قيل للشمس والقمر قمران وأحدهما القمر ولأبي بكر وعمر العمران وأحدهما عمر وقد سبق إمامنا بيان رحمة الله عليه إلى هذا الأمر سبقا أوجب له خلود الذكر فهو باق بقاء الدهر ومتجدد في كل عصر وما نعرف أحدا نال من الدنيا حظا من حظوظها فبقي له منه أثر يخلفه وصيت يستبد به إلا هو وحده فبيان رضوان الله عليه يذكر بتطفيله كما تذكر الملوك بسيرها فمن بلغ إلى نهايته أو جرى إلى غايته سعد بغضارة عيشه في يومه ونباهة ذكره في غده جعلنا الله جميعا من السابقين إلى مداه والمذكورين كذكراه .
أمره أن يعتمد موائد الكبراء والعظماء بغزاياه وسمط الأمراء والوزراء بسراياه فإنه يظفر منها بالغنيمة الباردة ويصل عليها إلى الغريبة النادرة وإذا استقراها وجد فيها من طرائف الألوان الملذة للسان وبدائع الطعوم السائغة في الحلقوم ما لا يجده عند غيرهم ولا يناله إلا لديهم لحذق صناعتهم وجودة أدواتهم وانزياح عللهم وكثرة ذات بينهم والله يوفر من ذلك حظنا ويسدد نحوه لحظنا ويوضح عليه دليلنا ويسهل إليه سبيلنا .
وأمره أن يتبع ما يعرض لموسري التجار ومجهزي الأمصار من