ورود مثاله يتضمن نبأ سطوره العظيمة أمر طوفان النيل التي كأنها جداوله وأنه جاد لمؤمله بنفسه التي ليس في يده غيرها فليتق الله سائله . . .
ومنها ولم يزل يجري لمستقر له ويضمه شيئا فشيئا إلى أن أدرك آخره أوله حتى إذا تكامل سمو أمواجه حالا على حال وتنور أقاصي الأرض من بنية المقياس فأدناها النظر العال فلم يترك بقعة كانت من قبل فارغة إلا وكلها عند نظره ماق وليت هواه المعتل كان عدلا فحمل كل غدير ما أطاق وطالما جرى بالصفا ولكن كدر صفاه بهذا المسعى والمرجو من الله أن يتلو ما أفسده هذا الماء ما يصلحه خروج المرعى .
وما قاله القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر سقى الله تلك الألفاظ النيلية صوب الماطر .
وينهى إليه أمر النيل الذي سر في أوائله الأنفس بأنفس بشرى ويقص عليه نبأه العظيم الذي ما يرينا من آية إلا هي أكبر من الأخرى ويصف له ما ساقه إلى الأرض من كل طليعة إذا تنفس الليل تفرق صبحها وتفرى فهو وإن كان خص الله البلاد المصرية بوفوره ووفائه وأغنى به قطرها عن القطر فلم يحتج إلى مد كافة وفائه ونزهه عن منة الغمام الذي هو إن جاد فلا بد من شهقة رعده ودفعة بكائه فقد وطيء بلادها بعسكره العجاج وزاحم ساحتها بأفواج الأمواج فعمل فيها بذراعه ودار عليها بخناقه وتخللها بنزاعه وحملها على سواري الصواري تحت قلوعه وما هي إلا عمد قلاعه وزار زرابي الدور المبثوثة وجاس خلال الحنايا كأن له فيها خبايا موروثة ومرق كالسهم من قناطره المنكوسة وعلا زبد حركته ولولاه ظهرت في باطنه من الأقمار والنجوم أشعتها المعكوسة وحمل على بركة الفيل حمل الأسود على الأبطال وجعل المجنونة من تياره