رأيتك من سائر الجهات ولا لمحت بيوت البحر بل البحور إلا رأيتك عمارة الأبيات .
( ولا هممت بشرب الماء من عطش ... إلا رأيت خيالا منك في الماء ) .
( ولكن للعيان لطيف معنى ... له طلب المشاهدة الكليم ) .
فهلم إلى التمتع برؤية هذا النيل الذي لم تر مثله العيون والنظر إلى سائر المخلوقات لعمومه وكل في فلك يسبحون فليس يطيب للتلميذ رؤية هذا البحر بغير رؤية شيخه ولا يلذ له التملي بمشاهدة هذا الفلك ما لم يشرق وجهه وذهنه ببدره ومريخه فما هذا الإهمال وليت شعري يا أديب تشاغلك بأي الأعمال أبالكتابة فلتكن في هذا النيل الذي هو كالطلحية بغير مثال أو بالنثر والنظم ففي هذا البحر الذي منه تؤخذ الدرر وفيه تضرب الأمثال ولقد ولد فيه الفكر للمملوك كيف تصادم الأكفاء وقهر الملوك للملوك فإنه لم يسمع في مملكة الإسلام ولا ورخ في عام من الأعوام بمثل هذه الزيادة الزائدة والجري على خرق العادة التي لا جعل الله بها صلة ولا منها عائدة وغاية ما وصل إليه في الماضي من عشرين فضيق بسعته المسالك وأوجب المهالك وتطرق تطرق أهل الجرائم والفساد فقطع الطريق على السالك وأحوج مرات إلى الاستضحاء لا أحوج الله لذلك .
ودليل ما شمل به من الفساد وما عامل به البلاد وأهل البلاد ما قاله أدباء كل عصر عندما أبيح للمسافر في مد عرضه القصر .
فمن ذلك ما قاله مولانا القاضي الفاضل وما هو C إلا بحر طفح دره فلله دره من رسالة