وأتيت من مشكلات القضايا بما ضاقت مطالبه وعرضت نفسك لمغالبة الموت والموت لا شيء يغالبه واقتصرت في تشريحك الأعضاء على ذكر منافعها وصفاتها وأضربت عما تدل عليه بصورها وكيفياتها أين أنت من إلحاق الابن بالأب بالصفات المتماثلة والحكم بثبوت النسب بدلائل الأعضاء كما يحكم بالبينة العادلة فهذه هي الفضيلة التي لا تساوي والمنقبة التي لا تعادل ولا تناوى وكفاك لذلك شاهدا وعلى ثبوته في الشريعة المطهرة مساعدا وأنه لا يعتور ذلك معارضة ولا نقض استبشار النبي بقول مذحج المدلجي إن هذه الأقدام بعضها من بعض .
فقال علم قص الأثر نعم إن شأنك لغريب وإن اجتهادك لمصيب غير أني أنا أغرب منك شأنا وأدق في الإدراك معنى إذ أنت إنما تلحق المحقق بالمشاهدة بمثله وتقيس فرعا على أصل ثم تلحق الفرع بأصله وأنا فأدرك المؤثر من الأثر وأستدل على الغائب بم يظهر من اللوائح في الرمل والمدر وربما ميزت أثر البعير الشارد من المراتع وفرقت بالنظر فيه بين الصحيح والظالع فأدركت من الأمر الخفي ما تدركه أنت من الظاهر وقضيت على الغائب بما تقضي به على الحاضر .
فقال علم غضون الكف والجبهة ما الذي أتيت به من الغريب أو أظهرته بعلمك من العجيب فلو ابتليت بأرض صلبة لوقفت آمالك أو محت الريح معالم الأثر لبطلت أعمالك أو ولج من تقفي أثره الماء لفات حدسك الصائب أو جعل الماشي مقدم نعله مؤخره لقلت إن الذاهب قادم والقادم ذاهب لكن أنا كاشف الأسرار الخفية والمستدل على لوازم