فتمسي في حجازي وتصبح في أصبهان وأنت وإن ادعيت أنك العلم الروحاني والمستولي بتحريك الطبائع الأربع على النوع الإنساني وغير الإنساني فأنت غير مستغن عني ولا فنك في الحقيقة منفك عن فني بل قواعدك مرتبة على قواعدي وفوائدك مستفادة من فوائدي وأهل صناعتك يتطفلون في معرفة الملائم والمنافي على ساقط لباب موائدي وأني تنبسط بك الروح مع وجود السقم أو يستريح إليك القلب مع شدة مقاساة الألم بل أنا قوام الأبدان وغاية ملاك الإنسان بي تحفظ صحة الأجسام وتتمكن النفس من استكمال قوتيها النظرية والعملية بواسطة زوال الأسقام وانتفاء الآلام مع ما يتضح بالنظر في التشريح الذي هو أحد أنواعي من سر قوله تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) وما يظهر من حال الصحة والمرض وسر الموت من أنه تعالى بدأت الخلق أولن مرة وإليه يحشرون مع ما يلتحق بي من علم خواص العقاقير الغريبة والأحجار التي تؤثر بتمزيجها الصناعي التآثير العجيبة وتأتي من نوادر الأفعال بالأعمال الغريبة على أني لست بمختص في الحقيقة ببدن الإنسان ولا قاصر على نوع من أنواع الحيوان وإنما أفردت بنوع البشر اهتماما بشانه وتنبيها على جلالة قدره وعلو مكانه .
ثم ألحق بالإنسان في الاعتناء به الخيول فاشتق لها مني علم البيطرة وتلاها في الاعتناء جوارح الطيور لاهتمام بشأنها فاستنبط لها من أجزائي علم البيزرة وأهمل ما سوى ذلك من جنس الحيوان فلم يعتن بأمره ولم يهتم له بشان .
فقال علم القيافة لقد ارتقيت مرتقى صعبا وولجت مولجا صلبا