والآن فقد فازت قداحك وبانت غررك وأوضاحك وأجدت النضال وأدركت الخصال فأوضح لنا عما سألت وأرشدنا إلى ما دللت لئلا يقال هذا بهت ومحال بحت فقلت حبا وكرامة اسمع أنت يا طغامة إن الفعل من فاعله كالولد من ناجله لا يخلو الفعل من علامة الفاعل في لفظ كل قائل وهي الفتحة من ماضيه وواقعه والزوائد في مستقبله ومضارعه .
وبيان ذلك أن الفتحة لا تكون مع التاء والنون . . . . . . فتثبت الفتحة ثم تقول أخرجت وأخرجنا فتسقط ما ذكرنا وعلامتان لمعنى محال لا يوجبهما الحال فإن كانت النون التي مع الألف ضمير المفعول عادت الفتحة فتقول أخرجنا الأمير فهذا بين فصفقت الجماعة وسمحت وحسنت وبحبحت وجعل الأديب يضطرب اضطراب العصفور ويتقلب تقلب الصقور متيقنا أن أسده صار جرذا وبازيه عاد صردا ودوره انقلبت مخشلبا وزيتونه تحول عربا وقناه تغير قصبا وأن مستقيمة تعوج وجيده تبهرج وصحيحه تدحرج وجديده تكرج فقال منشدهم .
( ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وتحت ثيابه أسد مزير ) .
( ويعجبك الطرير فتبتليه ... فيخلف ظنك الرجل الطرير ) .
( فما عظم الرجال لهم بفخر ... ولكن فخرهم كرم وخير ) .
فأخذ الإبلاس وضاقت به الأنفاس وسكنت منه الحواس