ويتحفظ من مصادف الغلطات ويتلطف من مخزيات الفرطات أن يدعي دون مقامه ويقتصر من تمامه ويغض من سهامه ويظهر بعض شكيمته ويساوم بأيسر قيمته ويستر كثيرا من بضاعته ويكتم دقيق صناعته ولا يبلغ دقيق غاية استطاعته وأن يعاشر الناس بصدق المناصحة وجميل المسامحة وأن لا يحمله الإعجال بم يحسنه على الازدراء بمن يستقرنه والافتراء على من يعترضه ويلسنه ليكون خبره أكثر من خبره ونظرته أروع من منظره ويكون أقرب من الاعتذار وأبعد من الخجلة والانكسار .
( فليس الفتى من قال إني أنا الفتى ... ولكنه من قيل أنت كذلكا ) .
( وكم مدع ملكا بغير شهادة ... له خجلة إن قيل أن لست مالكا ) .
ولقد نصرت بالاتضاع على ذي نباهة وارتفاع وذلك أني أصعدت في بعض الأعوام مع جماعة من العوام بين تاجر وزائر إلى العزل والحائر حتى انتهينا إلى قرية شارعة آهلة زارعة وما منا إلا من أملته السمرية فاعترضته وأسقمته وأمرضته وفترته فقبضته وكثر منا الجؤار واستولى علينا الدوار فخرجنا منها خروج المسجون وقد تقوسنا تقوس العرجون فاسترحنا بالصعود من طول القعود .
( كأننا الطير من الأقفاص ... ناجية من أحبل القناص ) .
( طيبة الأنفس بالخلاص ... منفضات الريش والنواصي ) .
فما استتمت الراحة ولا استقرت بنا الراحة حتى وقف علينا واقف وهتف بنا هاتف أيكم الخوارزمي فقالوا له ذلك الغلام المنفرد والشاب المستند فأقبل إلي وسلم علي وقال إن الناظر يستزيرك فليعجل إليه مصيرك فقمت معه يتقدمني وأتبعه حتى انتهى بي إلى جلة من