فأخذ في الاستعداد وسهل عليه الاستشهاد فقال عن علم وتصرف عن معرفة واستحسن ببرهان وانتقد بحجة وتخير بدليل وصاغ بترتيب وبنى على أركان واتسع في العبارة مجاله وفتح له من باب الأوصاف أقفاله وتلقى كل واقعة بما يماثلها وقابل كل قضية بما يشاكلها وعلم المجيد فنسج على منواله وظهر له القاصر فأعرض عن أقواله وحصل له القوة على فهم الخطاب وأنشأ الجواب بحسب الوقائع والأعراض على طبق المقاصد والأغراض ومتى أخل بشيء من ذلك فاتته الفضائل وعلقت به الرذائل وقلت بضاعته ونقصت صناعته وساءت آثاره وقبحت أخباره وخلط الغرر بالعرر ولم يميز بين الصدف والدرر فأخرج الصنعة عن أماكنها وطمس من الكتابة وجوه محاسنها فجر اللوم إلى نفسه وأمسى مهزأة لأبناء جنسه .
ووراء ذلك علوم هي كالنافلة للكاتب والزيادة للراغب .
منها ما تكمل به صناعته وتعظم به مكانته كعلم الكلام وأصول الفقه وسائر الأحكام والمنطق والجدل وأحوال الفرق والنحل والملل وعلم العروض والميزان المحكم وعلم القوافي وحل المترجم والحساب المفتوح وما يترتب عليه من المعاملة وما تستخرج به المجهولات من حساب الخطأين والدرهم والدينار والجبر والمقابلة وحساب الدور والوصايا والتخت والميل ما لأعماله على غيرها من المزايا والعلم بالفلاحة وأحوال المساحة وعلم عقود الأبنية والمناظر المحققة ومراكز الأثقال والمرايا المحرقة وعلم جر الأثقال الأبية والعلم بالآلات الحربية وعلم المواقيت والبنكامات والتقاويم