فتمسكوا بأوتادها وتعلقوا بسببها والأمثال الغريبة التي انتقوها ودونوها ورووها واستيضاح القسمين واستكشاف غوامضهما واستظهار النوعين واستمطار عوارضهما والاطلاع على خطب البلغاء ورسائل الفصحاء وما وقع لهم في مخاطباتهم ومكاتباتهم والعلم بأيام العرب وحروبهم وما كان من الوقائع بين قبائلهم وشعوبهم والنظر في التواريخ وأخبار الدول الماضية والقرون الخالية وسير الملوك وأحوال الممالك ومعرفة مكايدهم في الحرب المنقذة من المهاوي والمنجية من المهالك مع سعة الباع في اللغة التي هي رأس ماله وأس مقاله وكنزه المعد للإنفاق ومعينه بل مغيثه وقت الضرورة على الإطلاق والنحو الذي هو ملح كلامه ومسك ختامه والتصريف الذي تعرف به أصول أبنية الكلمة وأحوالها وكيفية التصرف في أسمائها وأفعالها وعلوم المعاني والبيان والبديع التي هي حلية لسانه وآية بيانه ومعرفة أبوابها وفصولها وتحقيق فروعها وأصولها من الفصاحة وطرائقها والبلاغة ودقائقها واختيار المعاني وترتيبها ونظم الألفاظ وتركيبها والفصل والوصل ومواقعهما والتقديم والتأخير ومواضعهما ومواطن الحذف والإضمار وحكم الروابط والأخبار وغير ذلك من الحقيقة والمجاز والبسط والإيجاز والحل والعقد وتمييز الكلام جيدة من رديه بصحة النقد مع معرفة أنواع البديع وطرائقها والاطلاع على غوامض أسرارها وفرائد دقائقها .
على أن آكد شيء يجب تحصيله قبل كل حاصل ويستوي في الاحتياج إلى معرفته المفضول من الكتاب والفاضل العلم بالخط وقوانينه من الهجاء والنقط والشكل والفرق بين الضاد والطاء المتخالفين في الصورة والشكل مع المعرفة بآلات الكتابة وصفاتها وتباين أنواعها واختلاف صفاتها .
هذه أصوله التي يبنى عليها وقواعده التي يرجع إليها فإذا أحاط بهذه الفنون علما وأتقنها فهما غزرت عنده المواد واتضحت له الجواد