ولنا في المغرب أثر أغرب وفي أعماله أعمال دون مطلبها كما يكون المهلك دون المطلب وذلك أن بني عبد المؤمن قد اشتهر أن أمرهم أمروملكهم قد عمروجيوشهم لا تطاق وأوامرهم لا تشاق ونحن والحمد لله قد ملكنا مما يجاورنا منه بلادا تزيد مسافتها على شهر وسيرنا عسكرا بعد عسكر ورجع بنصر بعد نصرومن البلاد المشاهير والأقاليم الجماهير لك برقة قفصة قسطيلية توزر كل هذه تقام فيها الخطبة لمولانا الإمام المستضيء بالله سلام الله عليه ولا عهد للإسلام بإقامتها وتنفذ فيها الأحكام بعلمها المنصور وعلامتها وفي هذه السنة كان عندنا وفد قد شاهده وفود الأمصار مقداره سبعون راكبا كلهم يطلب لسلطان بلده تقليدا ويرجو منا وعدا ويخاف وعيدا .
وقد صدرت عنا بحمد الله تقاليدها وألقيت إلينا مقاليدها وسيرنا الخلع والألوية والمناشير بما فيها من الأوامر والأقضية .
وأما الأعداء الذين يحدقون بهذه البلاد والكفار الذين يقاتلونها بالممالك العظام والعزائم الشداد فمنهم صاحب قسطنطينية وهو الطاغية الأكبر والجبار الأكفر وصاحب المملكة التي أكلت على الدهر وشربت وقائم النصرانية التي حكمت دولته على ممالكها وغلبت وجرت لنا معه غزوات بحرية ومناقلات ظاهرية وسرية وكانت له في البلاد مطامع منها أن يجبي خراجا ومنها أن يملك منها فجاجا وكانت غصة لا يسيغها الماء وداهية لا ترجى لها الأرض بل السماء فاخذنا ولله الحمد بكظمه وأقمناه على قدمه ولم نحرج من مصر إلى أن وصلتنا رسله في جمعة واحدة في نوبتين بكتابين كل واحد منهما يظهر فيه خفض الجناح وإلقاء السلاح والانتقال من معاداة إلى مهاداة ومن مناضحة إلى مناصحة حتى إنه أنذر بصاحب صقلية وأساطيله التي يرد ذكرها وعساكره التي لم يخف أمرها .
ومن هؤلاء الكفار صاحب صقلية هذا كان حين علم أن صاحب الشام