ولما كان الزمن مقسوما بين سنين شمسية يتفق فيها ما أخرج الله تعالى من الرزق لعباده ويحصل بها ميقات القوت الذي قال الله تعالى فيه ( كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ) وقمرية لا يعول في أحكام الدين إلا عليها ولا يرجع في تواريخ الإسلام إلا إليها ولا تعتبر العبادة الزمانية إلا بأهلتها ولا يهتدى إلى يوم الحج الأكبر إلا بأدلتها ولا يعتد في العدد التي تحفظ بها الأنساب إلا بأحكامها ولا تعلم الأشهر الحرم إلا بوجودها في الأوقات المخصوصة من عامها وكان قد حصل بينهما من تفاوت الأيام في المدد واختلاف الشهور الهلالية في العدد ما يلزم منه تداخل مغل في مغل ونسبة شيء راح وانقضى إلى ما أدرك الآن وحصل ويؤدي ذلك إلى إبقاء سنة بغير خراج وهدر ما يجب تركه فليس الوقت إليه محتاج وإلغاء ما يتعين إلغاؤه وإسقاط ما تلتفت إليه الأذهان وهو لا يمكن رجاؤه وإن كان ذلك الإسقاط لا ضرر فيه على العباد والبلاد ولا نقص ينتج منه للأمراء والأجناد ولا حقيقة له ولا معنى ولا إهمال شيء أفقر تركه ولا إبقاؤه أغنى ولكن صار ذلك من عوائد الزمن القديمة ومصطلحا لا تزال العقول بالاحتياج إلى فعله عليمة وأمرا لا بد للملك منه وحالا لا مندوحة للدول عنه لتغدو التصرفات على الإستقامة ماشية والمعاملات من الحق ناشية ويعفى رسم ما لم يكن في الحقيقة رابط ويزال اسم ما لو توسمه الفضل لأضحى كأنه يغالط اقتضى حسن الرأي الشريف أن تحول هذه السنة التي يحصل بها الكبس وأن يدحضها يقين النفس وأن يرفع ما بها من أشكال الإشكال ويزال هذه السبب الذي نشأ عنه دخول الأكثر باستدراج الأقل فلا يكون للأذهان عليه اتكال نظرا بذلك في مصالح الأمة ودفعا لما يجدونه من أوهام مدلهمة وعملا يطابق به الدليل حكمه ويوافق فيه اللفظ معناه والفعل اسمه وتخفيفا عن الرعية من لزوم ما لا يلزم في الحقيقة عملا بقوله تعالى ( ذلك تحفيف من ربكم ورحمة )