الشهور وساقوها معها على الدهور وكبسوا الربع في كل أربع سنين يوما ورسموا أن يكون إلى شباط مضافا فقربوا ما بعده غيرهم وسهلوا على الناس أن يقتفوا اثرهم لا جرم أن المعتضد بالله صلوات الله عليه على أصولهم بنى ولمثالهم احتذى في تصييره نوروزه اليوم الحادي عشر من حزيران حتى سلم مما لحق النواريز في سالف الأزمان وتلافوا الامر في عجز سني الهلال عن سني الشمس بأن جبروها بالكبس فكلما اجتمع من فضول سني الشمس ما يفي بتمام شهر جعلوا السنة الهلالية التي يتفق ذلك فيها ثلاثة عشر هلالا فربما تم الشهر الثالث عشر في ثلاث سنين وربما تم في سنتين بحسب ما يوجبه الحساب فتصير سنتا الشمس والهلال عندهم متقاربتين أبدا لا يتباعد ما بينهما .
وأما العرب فإن الله جل وعز فضلها على الأمم الماضية وورثها ثمرات مساعيها المتعبة وأجرى شهر صيامها ومواقيت أعيادها وزكاة أهل ملتها وجزية أهل ذمتها على السنة الهلالية وتعبدها فيها برؤية الأهلة إرادة منه أن تكون مناهجها واضحة وأعلامها لائحة فيتكافأ في معرفة الغرض ودخول الوقت الخاص منهم والعام والناقص الفقه والتام والأنثى والذكر وذو الصغر والكبر فصاروا حينئذ يجبون في سنة الشمس حاصل الغلات المقسومة وخراج الأرض الممسوحة ويجبون في سنة الهلال الجوالي والصدقات والأرجاء والمقاطعات والمستغلات وسائر ما يجري على المشاهرات وحدث من التعاظل والتداخل بين السنين ما لو استمر لقبح جدا وازداد بعدا إذ كانت الجباية الخراجية في السنة التي تنتهي إليها تنسب في التسمية إلى ما قبلها فوجب مع هذا أن تطرح تلك السنة وتلغى ويتجاوز إلى ما بعدها ويتخطى ولم يجز لهم أن يقتدوا بمخالفيهم في كبس سنة الهلال بشهر ثالث عشر لأنهم لو فعلوا ذلك لتزحزحت الأشهر الحرم عن مواقعها وانحرفت المناسك عن حقائقها ونقصت الجباية عن سني