التدبير فمن هنالك زادت السنة الشمسية فصارت ثلثمائة وخمسة وستين يوما وربعا بالتقريب المعمول عليه وهي المدة التي تقطع الشمس فيها الفلك مرة واحدة ونقصت السنة الهلالية فصارت ثلاثمائة وأربعة وخمسين يوما وكسرا وهي المدة التي يجامع القمر فيها الشمس اثنتي عشرة مرة واحتيج إذا انساق هذا الفضل إلى استعمال النقل الذي يطابق إحدى السنتين بالأخرى إذا افترقتا ويداني بينهما إذا تفاوتتا .
وما زالت الأمم السالفة تكبس زيادات السنين على افتنان من طرقها ومذاهبها وفي كتاب الله D شهادة بذلك إذ يقول في قصة أهل الكهف ( ولبثوا في كهفهم ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا ) فكانت هذه الزيادة بأن الفضل في السنين المذكورة على تقريب التقريب .
فأما الفرس فإنهم أجروا معاملاتهم على السنة المعتدلة التي شهورها اثنا عشر شهرا وأيامها ثلاثمائة وستون يوما ولقبوا الشهور اثني عشر لقبا وسموا أيام الشهر منها ثلاثين اسما وأفردوا الأيام الخمسة الزائدة وسموها المسترقة وكبسوا الربع في كل مائة وعشرين سنة شهرا .
فلما انقرض ملكهم بطل في كبس هذا الربع تدبيرهم وزال نوروزهم عن سنته وانفرج ما بينه وبين حقيقة وقته انفراجا هو زائد لا يقف ودائر لا ينقطع حتى أن موضوعهم فيه أن يقع في مدخل الصيف وسينتهي إلى أن يقع في مدخل الشتاء ويتجاوز ذلك وكذلك موضوعهم في المهرجان أن يقع في مدخل الشتاء وسينتهي إلى أن يقع في مدخل الصيف ويتجاوزه .
وأما الروم فكانوا أتقن منهم حكمة وأبعد نظرا في عاقبة لأنهم رتبوا شهور السنة على أرصاد رصدوها وأنواء عرفوها وفضوا الخمسة الأيام الزائدة على